شقراء في مجلس الأمة! بقلم د. عبدالله المديرس

من الأمور المذمومة في صفات البشر صفة التسرع أو العجلة في الحكم على الأمور واتباع الناس وتقليدهم من دون دراية أو تحقق حيث أن إصدار الأحكام وأخذ موقف معين يستوجب التأني والإلمام بجوانب الموضوع والحقائق المرتبطة فيه.
عادةً ما يضرب المثل (مع الخيل يا شقرا) على هذا النوع من البشر الذي ينساق وراء أقوال وأفعال الناس دون معرفة وعلم. ترجع هذه المقولة إلى مزارع كان يملك مجموعة من الخيول والأبقار وكان في الصباح يطلق العنان للخيول حتى تلعب وتفرَّغ طاقتها، وكان هناك بقرة شقراء بمجرد انطلاق الخيول تقوم بملاحقتهم ومحاولة تقليدهم وكان المزارع لمحبته لهذه البقرة الجميلة يشجعها بقوله: مع الخيل يا شقرا.
للأسف هذه الصفة أصبحت سائدة في الفترة الأخيرة في مجتمعنا فأصبحنا نطلق الأحكام ونعلق المشانق لمجرد سماعنا أي خبر من دون التيقن من مدى مصداقيته بسبب انتشاره أو مساسه لحياتنا اليومية ومقدراتنا. عندما تطلق الأحكام من عوام الناس فهي مشكلة سلوكية في المجتمع تحتاج لعلاج لكن عندما تكون هذه الصفة في أعضاء أعلى سلطة في الدولة فهي مصيبة ودمار لمؤسسات الدولة.
تكررت في الآونه الأخيرة وفي أكثر من موضوع تصريحات مجلجله للنواب ووعود غريبة عجيبة مخلوطة بالتهديدات للمسؤليين لمجرد انتشار خبر معين من دون التريث وتقصي حقائق الموضوع. من الواضح أن هذا السلوك هو نتاج ضغط الناخبين ورغبة النواب بإرضاء أكبر عدد من ناخبيهم دون النظر إلى ما يترتب على ذلك من إضعاف لمؤسسات الدولة واحباط للمسؤولين. إن دور عضو مجلس الأمة هو المراقبة والتشريع وليس التهديد والوعيد.
موضوع القبول في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب هو مثال لهذا السلوك وذكره هنا كمثال فقط وليس من باب الدفاع عن المؤسسة أو منتسبيها.
أسباب كثيرة قد تكون وراء رفع النسب أو رفض قبول البعض وكثير من هذه الأسباب نراه في أغلب المؤسسات الأكاديمية حول العالم ومن ضمنهم جامعة الكويت. المطلوب من أعضاء مجلس الأمة الموقرين التحقيق في هذه القضية ومعرفة الأسباب ومن ثم محاسبة المقصّرين إن وجدوا، والأهم هو وضع تشريعات وسن قوانين تعمل على تفادي هذا النوع من المشاكل بالمستقبل.

بقلم د. عبدالله المديرس
أستاذ مشارك
قسم تكنولوجيا التعليم – التربية الأساسية