قسم السلايدشو

سِيَر عشر جامعات حكومية عربية: معضلات التعليم الرسمي وتحولاته

«سير عشر جامعات حكومية عربية»، هذا هو عنوان الكتاب الصادر قبل أيام عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في بيروت، وهو يجمع عشرة أبحاث لعشرة باحثين عرب. علما بأن هذه الابحاث كانت موضوعا لندوات أقامها المركز العربي قبل أشهر.
تندرج دراسة الجامعات الحكومية أو الرسمية العربية في إطار حقبة النهضة في أواسط القرن التاسع عشر، خصوصا في بلدان كانت رائدة في النهضة العلمية مثل لبنان ومصر وتونس.
وإذا كان التعليم الجامعي الخاص في لبنان قد سبق نشأة التعليم الحكومي بنحو مئة سنة تقريبا، فإن ذلك لا يصح في البلدان العربية الأخرى التي تصدت لها أبحاث هذا الكتاب.
وفي عهود استقلال البلدان العربية أصبحت الجامعات ركناً مهما من أركان المؤسسات الحكومية، وتحولت مع اطراد الزيادات السكنية تجمعات كبيرة للأجيال الشابة.
وتشكل البحوث العشرة عينة معبرة عن التعليم الجامعي الرسمي العربي وذلك من خلال اسئلة كبيرة:
-ما السياسات التي اتبعت للتمييز بين الفروع العلمية وفروع الاجتماعيات والانسانيات؟
-ما الدور الذي قامت به الجامعات في مجال نشر المعرفة، وما حال البحث العلمي في هذه الجامعات؟
-ما الاسباب التي أدت إلى تراجع التعليم الرسمي وتدني مستوياته في مسار تنازلي، وإن بمقادير متفاوتة؟
صاحب فكرة هذه الندوات وجمعها في كتاب الدكتور عدنان الامين، أشار في مقدمته إلى عدد من الظواهر:
-انتشار التعليم الخاص بقوة كبيرة في لبنان وقلته في البلدان العربية الأخرى.
-عراقة التعليم الديني في كل من مصر (الازهر)، والمغرب (جامعة القرويين)، وتونس (جامعة الزيتونة).
اما اليوم فتبلغ نسبة الجامعات غير الحكومية في العالم العربي 55 في المئة، ونسبة الجامعات الحكومية 45 في المئة.

الجامعة والسياسة
ومن المهم أن الابحاث خلصت إلى أن الجامعات الحكومية العربية أسيرة السياسات الحكومية حتى في البلدان العشرة موضوع البحث الأقدم تاريخياً في كل بلد.
اما الجامعات موضوع البحث فنذكرها هنا مرفقة باسم الباحث: القاهرة (كمال مغيث)، الجامعة السورية (عمار السمر)، الجامعة اللبنانية (عدنان الامين)، الجامعة الليبية (محمد فرج صالح رحيل)، جامعة الخرطوم (عبدالمنعم محمد عثمان)، جامعة تونس (محمد ضيف الله)، الجامعة الأردنية (نسيم برهم)، جامعة صنعاء (طارق عبدالله المجاهد)، جامعة سلطان قابوس (سيف بن ناصر المعمري).

جامعة الكويت
أما مسيرة جامعة الكويت في خمسين عاما فللباحث فوزي أيوب. ويؤرخ هذا البحث لمسيرة الجامعة التي يعود التفكير في انشائها إلى عام 1960 عشية حصول الكويت على استقلالها، لكن الانشاء الفعلي لم يبدأ الا في عام 1966 عندما بدأ التدريس في كلية العلوم والآداب والتربية، للذكور وكلية البنات الجامعية، وبلغ عدد المسجلين آنذاك في الكليتين 418 طالباً وطالبة تولى تدريسهم 31 أستاذاً جامعياً. وتعتبر جامعة الكويت من أقدم جامعات الخليج العربي. وبعد 50 عاماً من قيامها أصبحت تضم 17 كلية، و40 الف طالب، ونحو ألفي استاذ جامعي.
وشهدت الجامعة الكويتية ما يسمى بداية مرحلة «التكويت» في منتصف الثمانينات من القرن العشرين.
ويتطرق هذا البحث إلى القوانين الناظمة لعمل الجامعة الكويتية وهيكلتها الإدارية وسياسة قبول الطلاب فيها وتطور كلياتها وتخصصاتها، ومستواها الاكاديمي أساتذة وطلاباً، إضافة إلى الحياة النقابية للأساتذة والطلاب. ويرصد البحث أيضا مسألة الاختلاط بين الجنسين والحياة السياسية والصراعات الايديولوجية في الجامعة. وهناك أيضا فصل حول مسألة التأثير الثقافي المصري في الجامعة الكويتية.
ويخلص هذا البحث إلى أن جامعة الكويت قدمت على مدى 50 عاماً من عمرها تعليماً أكاديمياً متميزاً، واسهمت في انتاج المعرفة ونشرها تلبية لحاجات المجتمع الكويتي، وكانت درة الجامعات الخليجية في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته، ولا تزال تختزن طاقات وامكانات اكاديمية وازنة.

انقلاب فكري
غير ان مستوى الجامعة الكويتية، وفق الباحث، بدأ يتراجع تدريجياً في السنوات الخمس الأخيرة لأسباب متنوعة تتعلق إما بنوعية الأساتذة، وإما بمستوى الطلاب الجدد وقلة حماستهم للتعليم.
اما اللافت على الصعيد الايديولوجي فهو حدوث انقلاب في المناخ الفكري والعقائدي السائد في جامعة الكويت. فقد انتقلت الحركة الطلابية الكويتية من عالم الانفتاح والتحرر الفكري سابقاً إلى عالم الانكفاء على الذات والعودة إلى الموروث الديني أو القبلي. ولعل أكبر تحدٍ تواجهه جامعة الكويت هو عدم نجاحها حتى الآن في شق طريق مشاركتها في قيادة المجتمع، فبدلاً من ان تقود الجامعة المجتمع الكويتي نحو أفكار الحداثة والتنوير نجد أنها تتراجع ايديولوجيا وتنتابها المشكلات نفسها التي تنتاب المجتمع وتكبله. ويبدو أن هذا المسار هو مسار معظم الجامعات العربية.

القبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock