كتاب أكاديميا

سوسن إبراهيم تكتب: ‎الرغيف المُسمّم

“الشر الذي تُقدمه يبقى معك، والخير الذي تُقدمه يعود إليك.” هذه كلمات الأحدب العجوز الذي كان يُتمتم بها كلما مر بالسيدة المحسنة التي تعهدت بوضع رغيف خبز عند النافذة لأحد المحتاجين، كل صباح.

ومضت الأيام وتشابهت الأحوال، إلى أن شعرت السيدة المحسنة بالاستفزاز والغضب من الأحدب الذي يستمر بالتفوه بعبارته الشهيرة دون إظهار امتنانه لها. فقررت يوما ً من الأيام أن تضع السُمَّ بالرغيف، ولكنّها تراجعت عن تقديمه للأحدب وأحرقته على فورها.

وكان للسيدة المحسنة ابن ضال، سافر بحجة العمل ولكنه غاب عنها إلى أجل طويل، وكانت متلهفة لرؤيته واحتضانه، فكانت تدعو ليل نهار وتنتظر عودته إليها بفارغ الصبر.

وفي نفس اليوم الذي تراجعت فيه عن إنهاء حياة الأحدب، رجع ابنها ضعيف ومرهق وعلى وجهه علامات الجوع والتعب، فقال لها لولا أن أحدبا ً تصدق عليّ برغيف خبز لما عُدت حيا ً. فتذكرت كلمة الأحدب، وفهمت فحواها.

“صنائع المعروف تقي مصارع السوء.” كل ما تُقدمه من خير مهما صَغُر حجمه، فإنك ستُجزى عنه، مهما قَصُر الزمان أو طال. العطاء هو أن تُعطي وتُقدم ما يُسعد ويُفرج عن الآخرين همومهم وما يُزيل آلامهم، والأجمل من ذلك أن تُقدم وتُعطي من دون أن تنتظر الجزاء. واعلم بأن الله لن ينسى يدك التي سخرتها لمساعدة شخص ما ولن ينسى جميلك وفضلك وإن نسوه الآخرون.

       

                                                     سوسنإبراهيم محمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock