كتاب أكاديميا

سوسن إبراهيم تكتب: الفساد.. عُرف سائد

       الفساد آفة ولكنه في أيامنا هذه يعتبر عرفا ً وتقليدا ً لا يُنكر فاعله ولا يُستغرب فعله. ولا تكاد أن ترد طرفك إلا وقد تنوعت طرقه وتغيرت بل ومع تطور الزمن تتطور أساليبه وتتجدد من حولك. ليشمل الفساد جميع مناحي الحياة. من الفساد السياسيوالاقتصادي إلى الفساد العقلي والفكري. 
ذهبت قبل بضعة أسابيع إلى مكتب يتعامل مع الشؤون المالية لأنهي معاملة استمرت أيام والسبب الموظف غير موجود. وللأسف تعطلت أحوالي لأيام أخرى وزيارات متكررة إلى أن حضر الموظف الفاسد وانتهينا أخيرا ً من حفلة المعاملة“.
تتكرر هذه المشاهدات في كثير من المؤسسات ولا يعتبره الأغلب فسادا ً، لأنه فساد يقع فيه كبار الموظفين ومنالطبيعي أن يفعله من هم تحت إمرتهم. ونتقبله برحابة صدر أو بالأصح نتغاضى عن تلك الممارسات غير الإحترافية رغما ً عنا ليس لسبب واضح أو مقنع بل لأننا اعتدنا ذلك. نتقبل ونتغاضى عن ممارسات كثيرة بحجة أنها لا تؤثر على نطاق واسع أو أنها محدودة الضرر أي تضر بالعميل نفسه ولا تتجاوزه. ولكن مادامت أنها تحمل بعض الضرر فلابد أن نوضح أنها من الفساد المنتشر في المجتمع.

لا يمكننا أن نحتج على فساد الكبار ما دمنا لم نغير من أنفسنا ونستهجن تلك الممارسات الصغيرة كالتأخر عن العمل أو المماطلة في الانتهاء من المعاملات أو حتى الاستفادة من موارد العمل بلا استئذان وغيرها الكثير التي قد لا تخطر على البال ولكنها تندرج تحت مسمى الفساد. لأن الفساد ليس فقط اختلاس مبلغا ً من المال أو توقيع مناقصة بعد استلام الرشى وإنما هو كل عمل غير احترافي وغير شريف داخل أرفقة الشركات أو مكاتب العملاء. 

إذا ً لا يمكن إيقاف الفساد عبر العالم وهذا من المواضيع التي لا تقبل الشك أو التفاوض، فلسنا ملائكة بالنهاية ولكن لابد أن نبدأ بمراقبة أنفسنا وتطهيرها من دنس الاهمال وسوء الأفعال وبعدها أن نطالب بصوت واحد أن تُسن قوانين رادعة تمشي على هوامير البلاد المفسدين وتقصي المسؤولين وتحرض على استعادة أموال البسطاء والساخطين، الذين إذا لم تحمهم يد القانون من فساد الفاسدين المتجبرين ستفتح الأخيرة ذراعيها لهم وتمهد الطريق ليزداد الألم والفقر والظلم والفساد ويصبح عرفا ً سائدا ً كما الحاصل الآن.

                          سوسن إبراهيم محمد 

SawsanIris3@                                       

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock