د. محمد المطيري يكتب: الفراغ القانوني الذي ولده إفصاح بيتك عن عقد مشروع اندماج مع الأهلي البحريني
نصت المادة (4-3-1) من الكتاب العاشر (الإفصاح والشفافية) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 7 لسنة 2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم أنشطة الأوراق المالية على أنه “إذا كان الإفصاح عن المعلومات الجوهرية من شأنه الإضرار بسرية مفاوضات أو إجراءات تمهيدية لصفقة تقوم بها الشركة المدرجة أو أي عملية أخرى؛ فيجوز للشركة المدرجة تأجيل الإفصاح عنها حتى الوصول إلى اتفاق ملزم بخصوص هذه الصفقة أو العملية…”.
بل ذهب هذا الكتاب إلى أبعد من ذلك حيث نصت المادة (4-3-2) على أنه “يجب على الشركة المدرجة الحفاظ على السرية التامة فيما يتعلق بالمعلومة الجوهرية…، وذلـك عن طريق اتخاذ كافة التدابير التي تضمن أن يكون الوصول إلى تلك المعلومات مقصورا على أشخاص محددين لدى الشركة المدرجة، وألا يتم الكشف عن تلك المعلومات للموظفين وغيرهم إلا في الحدود اللازمة لتأدية أعمال وظيفتهم“.
وبافتراض أن بيت التمويل الكويت حافظ على سريةالمعلومات، إلا أنه بالرغم من ذلك قام الإفصاح عن إجراءه لمفاوضات قائمة بينه وبين البنك الأهلي المتحد البحريني، وذلك على أثر شائعات قادت إلى أن بيتك مضى قدما في مفوضات جدية وحقيقية بشأن مشروع عقد اندماج بينه وبين البنك الأهلي البحريني، وهذا الإفصاح عن هذه المعلومة الجوهرية جاء بناء على نص المادة (4-4-1) من الكتاب ذاته والتي تنص على أنه “في حالة انتشار تكهنات، أو أخبار، أو معلومات متداولة بشأن الشركة المدرجة عن طريق أي من وسائل الإعلام أو التواصل المختلفة، أو شائعات، أو معلومات متداولة في أوساط المتداولين، والتي من المرجــح أن يكون لها تأثير على سعر الأوراق المالية للشركة المدرجة أو صلة بالقرارات الاستثمارية للمتداولـيـن، فإنه يجـب أن يتم التعقيب عليــهاً بإيضاحــها أو تأكيدهــا أو نفيها فـــورا ً دون إبطــاء – وفقـــــــا للتوقيت المحدد في المادة (4-2-1)من هذا الكتاب – من قبل الشركة المدرجة، وذلك بغض النظر عما إذا كانت صحيحة من عدمه“.
وبعد الإعلان عن مشروع عقد الاندماج، أبحر المحللون الماليون في وضع مجموعة من الافتراضات والتوقعات حــول اندماج بيتك والأهلي المتحد البحريني. ومن ضمن ذلك ما توقعته شركة “هيرميس” بأن يصل صافي ربح البنكين (في حالة عدم الاندماج) إلى 403 ملايين دينار بنهاية العام الحالي فيما يزيد (في حالة الاندماج) إلى 426.36 مليون دينار ويزداد في 2019 بحساب مجموع ربح البنكين منفصلين إلى 450 مليون دينار وهو ما يزيد (في حالة الاندماج) إلى 473.7 مليون دينار.
ومما لا شك فيه أن هذا الإفصاح له بالغ الأثر على المستثمرين سواء المستثمر العادي أو المستثمر الحصيف فيما يتعلق بقراراته الاستثمارية، كما أن هذا الإفصاح لم يبين الفترة الزمنية لهذه المفاوضات أو متى يمكن إتمام عملية الاندماج إلا أنه وفقا لما قاله مدير عام شركة شورى للاستشارات الشرعية عبد الستار القطان أن إتمام الصفقة ستتضمن عمليتين الأولى تحول البنك الأهلي البحريني للعمل وفق الشريعة الإسلامية، وهي خطوة تستغرق عادة ما بين أربع وخمس سنوات، والثانية هي ضمه أو دمجه مع بيت التمويل الكويتي، وعلى جانب آخر نفت مجموعة البنك الأهلي المتحد البحرينية الأسبوع الماضي وجود أي قرار لديها للتحول للعمل وفق الشريعة الإسلامية مما يزيد صعوبات إتمام هذه الصفقة، وفوق ذلك تم إثارة أخبارا صحفية عن توقف إتمام صفقة بيتك والأهلي البحريني المتحد.
ووفقا لما سبق تجدر الإشارة إلى أن هذه الصفقة قد تستغرق من خمسة سنوات إلى سبعة سنوات، وقد لا ترى النور أبدا. وبالتالي فقد تظهر على الأفق ثغرة قانونية تتعلق في عدم المضي قدما في إتمام عقد مشروع الاندماج بعد الإفصاح عنه، والذي ترتب عنه قيام المحللين الفنيين والماليين في دراسة هذه الصفقة ونشر تحليلاتهم بعد الإفصاح مباشرة، والتي بلا شك أثرت على قرارات المستثمرين في الاستثمار في بيتك. كما أنه في سياق آخر ما مدى إمكانية الهيئة في إثبات عدم قيام بيتك في المحافظة على سرية المعلومات التي وردت في المادة (4-3-2) وما مدى إمكانية معاقبة بيتك على عدم المحافظة على سرية المعلومات أثناء المفاوضات أو تقديم طلب تأجيل الإفصاح عن المعلومة الجوهرية وفقا للمادة (4-3-1) من الكتاب العاشر (الإفصاح والشفافية)، وعلاوة على ذلك ما هو مصير استثمارات المستثمرين الذين استثمروا أموالهم في بيتك على أثر هذا الإفصاح؟ ونعتقد أنه بات لزاما على هيئة أسواق المال نظر هذه المسائل مجتمعة وذلك لسد الثغرة المتعلقة بالإفصاح، حيث أن معظم الإفصاحات التي تفصح عنها الشركات لا تكون دقيقة ومحددة وواضحة، كي لا يتم التأثير على المستثمرين، حيث كان من الواجب أن يكون إفصاح بيتك إفصاحا نافيا للجهالة، وأن يكون واضحا
