جامعة الكويتأبحاث علمية

دراسة للدكتورة فاطمة السالم: 81% من المغردين الكويتيين يرفضون زيادة أسعار البنزين

د. فاطمة السالم – عضو هيئة التدريس في جامعة الكويت قسم الإعلام|
في دراسة لتوجهات الرأي العام الكويتي حول رفع اسعار البنزين المعتمد من الحكومة اخيرا، والذي يأتي ضمن خطتها لتقنين المصروفات لمواجهة عجز الميزانية، يتضح ان رفع اسعار البنزين يلاقي ردود فعل كبيرة في اوساط الرأي العام بين مؤيد لترشيد الاستهلاك ووقف الهدر الحالي، ومعارض يرى ان الحكومة تضر بالمستوى المعيشي للمواطنين وما سيترتب عليه من رفع اسعار بقية المواد الاستهلاكية وفق ما اسماه البعض سوء الادارة الاقتصادية والتبرعات المليونية للخارج والفساد والتنفيع.

من خلال تحليل ورصد آراء ومواقف وتعليقات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تبين أن المغردين الكويتيين بغالبيتهم (%81.5) لا يوافقون على رفع اسعار البنزين فيما وافق %14.8.

توضح الدراسة انه على الرغم من رفض الرأي العام فان %57.4 تناولوا الموضوع في اطار مجتمعي، مما يثبت ان الرفض حيال القانون غير شخصي وان رفع الاسعار يؤثر سلبا في رفاهية المجتمع ككل.

ومن دراسة المشاعر التي تم تحليلها اضافة الى حالة الرفض الشعبي لرفع الاسعار فقد اشارت النتائج الى ان %27.8 يحملون مشاعر غضب تجاه القرار الحكومي و%16.7 يعانون من الاحباط في ظل وجود نسبة ليست بقليلة ممن يشعر بالخوف.

من جانب آخر، فان %29.6 من المغردين تناولوا الموضوع بنوع من السخرية مما يعكس حالة المواطن الذي لا يملك الا ان يتقبل الامر بنوع من الفكاهة. كما أثبتت الدراسة أن التعليقات التي تناولت سوء الادارة الحكومية هي الأبرز بنسبة %30.3 تليها الاعباء الاقتصادية.

غطت الدراسة نشاط المستخدمين خلال ثلاثين يوما، وهي الفترة التي سبقت تطبيق القرار في الأول من سبتمبر،وهي الفترة التي بدا فيها تداول الموضوع وانشاء وسوم معارضة للقرار ومقاطعة البنزين في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى ارض الواقع.

البيانات الكبيرة

اعتمدت الدراسة على تحليل المضمون باستخدام تقنيات علمية لاستخراج البيانات الكبيرة بطريقة علمية واكاديمية ومن ثم استخلاص عينة ممثلة بطرق اكاديمية لتمثل البيانات المستخلصة لدراستها وتحليلها علميا.

الأطر المستخدمة

وقد تم تقسيم المواضيع الاكثر شيوعا والمرتبطة برفع الدعم منهجيا الى ستة محاور اساسية:

الأول: المواضيع التي تتعلق بالخصخصة والتي تضمنت موضوع خصخصة بعض محطات الوقود، والتي احتوت على حملات مقاطعة المحطات الخاصة ودعم المحطات التابعة لشركة البترول الوطنية.

الثاني: المواضيع التي ارتبطت بتقديم المساعدات الكويتية للخارج، اضافة الى الحديث عن ميزانية الدولة سواء بالايجاب او السلب من خلال ذكر ضرورة ترشيد تقديم المساعدات الخارجية وهدر الميزانية.

الثالث: المواضيع المتعلقة برفع الدعم الحكومي عن بقية المنتجات والمشاريع الحكومية التي تهدف لانهاء الرفاهية.

الرابع: المواضيع المتعلقة بمجلس الامة وقراراته ومواقف نوابه.

الخامس: المواضيع المتعلقة بالادارة الحكومية للدولة والاداء الحكومي والقرارات والمشاريع التي تتبناها الحكومة.

السادس: المواضيع المتعلقة بالاثار الاقتصادية لرفع سعر البنزين.

السابع: الاثار الشخصية وعلاقة رفع الاسعار بحياة المواطن الشخصية.

سوء إدارة

تبين من النتائج ان %30.2 من المغردين تناولوا موضوع رفع سعر البنزين بسوء الادارة الحكومية وسوء التخطيط، ووجهت تلك الفئة اصابع الاتهام الى الحكومة وعدم مراعاة جيوب المواطنين من جانب وتحمل المواطن البسيط العجز بالميزانية من جانب اخر.

رفع الدعم ورفاهية المواطن

اشارت الدراسة الى ان الاثار الاقتصادية جاءت في المرتبة الثانية %20.8 من خلال ذكر السلبيات المتعلقة برفع الاسعار والتضخم والزيادة المرتقبة على بقية السلع. اما الخصخصة فقد جاءت بالمرتبة الثالثة بنسبة %13.2 وتناول المغردون الموضوع من ناحية ضرورة مقاطعة المحطات الخاصة ودعم محطات شركة البترول الوطنية.

تبين من التحليل ان %11.3 من المغردين يلومون موقف مجلس الامة المؤيد لرفع سعر البنزين ويسلطزن الضوء على مواقف النواب حيال رفع الدعم من جهة ومقارنة مواقف النواب في القضايا الاخرى مثل علاوة الابناء وبدل السكن من جهة اخرى.

فيما قام %11.3 من المغردين بربط رفع سعر البنزين بمواد استهلاكية اخرى والخوف من فرض الضرائب وغيرها.

اثبتت نتائج الدراسة ان %81.5 من شريحة المغردين غير موافقين على رفع اسعار البنزين و%14.8 موافقين فيما التزم %3.7 موقف الحياد في التعليق.

ولعل معارضة القانون امر بديهي ومتوقع لان به مساسا مباشرا بجيب المواطن، خاصة ان البنزين من المواد الاستهلاكية الضرورية في حياة المواطن ولن يقبل المواطن كل انواع التسويات والخطط البديلة كالتي تناولها الرأي العام والاوساط السياسية مثل الكابونات وبطاقات البنزين. ولكن اللافت موافقة %14.8 من المواطنين على هذه الخطوة، معللين ضرورة دعم القرارات الحكومية وترشيد الانفاق لمواجهة العجز المالي حفاظا على ميزانية الدولة من الهدر العام.

نصف المغردين: رفع البنزين قضية مجتمعية 

اعتمدت الدراسة تحليل مضامين التعليقات وفق إطارين رئيسيين:

الأول: اطار مجتمعي عريض

الثاني: اطار فردي

تم استخدام نظرية ايانقار (1991) لتحليل مضمون قضية رفع الدعم في حديث الرأي العام حيث وجد ايانقار ان هناك نوعين اساسيين من أنواع التأطير التي يتم استخدامها عند الحديث عن القضايا المختلفة وهو الاطار المجتمعي العريض والاطار الفردي.

وقد تبين من تحليل آراء المواطنين في قضية رفع الدعم أن اكثر من نصف المغردين تحدثوا بالإطار المجتمعي بنسبة %57.4، فالجمل المستخدمة في تعليقات المواطنين اندرجت أكثر في الإطار المجتمعي للقضية أي تسليط الضوء على قضية رفع الاسعار بشكل عام وتأثيرها على افراد المجتمع ككل دون الخوض في تفاصيلها وتاريخها ومشاكلها الدقيقة او الافراد المتسببين لها، بينما التعليقات ذات الإطار الفردي والتي حملت الطابع الشخصي للقضية كانت أقل بنسبة %42.6.
 
مساندة الحكومة

وجدت الدراسة ان %7.4 يشعرون بالامل وفقط %5.6 يشعرون بالسعادة حيال رفع الاسعار من خلال شعورهم بدعم ومساندة الحكومة والمشاركة بوقف الهدر بالميزانية.

السخرية وروح المرح تسيطران على المغردين
تبين من التحليل ان %29.6 من التعليقات تحمل الطابع الفكاهي والسخرية من الوضع العام، ولعل اي مراقب لبرامج التواصل الاجتماعي يدرك ان السخرية واطلاق التعليقات الساخرة بروح من المرح هي سمة يتميز به المغرد الكويتي الذي ما ان تظهر قضية على السطح مهما بلغت خطورتها وتأثيرها يتم تحويرها الى قضية ساخرة من خلال الوسوم والصور وتركيب مقاطع الفيديو وهذا ما قد يسهم في زيادة اهتمام الرأي العام. وقد تناول المغردون في هذه القضية موضوع ارتفاع اسعار البنزين من خلال اطلاق حملات لقيادة الدراجات الهوائية والتزام البيوت وتعبئة براميل اضافية وتخزينها، وغيرها من الحلول الساخرة، كما لجأ عدد من المغردين للتعليقات الساخرة كنوع من التنفيس، حيث ان القرار سيطبق لا محالة، فما امام المواطن الا القبول والالتزام به.

من جانب آخر، بينت الدراسة ان %27.8 يشعرون بالغضب تجاه رفع البنزين بينما يشعر %16.7 بالاحباط و%13 يشعرون بالخوف لا سيما مع عدم وضوع الرؤية الحكومية لخطة التنمية في ظل اخبار عجز الميزانية وعدم استطاعة الحكومة بالاستمرار في دعم رفاهية المواطن مع تراجع اسعار النفط فكل تلك الامور تشعر المواطن بعدم الامان والخوف من المستقبل.

دراسة ماكنيير ولوور ورووبلمان 1971
في ما يتعلق بتحليل المزاج العام حول البنزين، فقد تم استخدام تحليل المزاج العام للاشخاص لدراسة مشاعر الرأي العام باستخدام دراسة الملف الشخصي للمشاعر من دراسة ماكنيير، لوور ورووبلمان 1971 والتي تقسم المزاج العام للاشخاص الى 65 شعورا بين غضب وسعادة واحباط وغيرها، ومن ثم استخلصت اهم ستة مشاعر وبتطبيق دراستهم على الدراسة الحالية التي قامت بها القبس باستخدام ذات الملف الشخصي، استنتجنا خمسة مشاعر أساسية يتمحور حولها معظم حديث الاشخاص حول رفع الدعم وهي الشعور بالاحباط والغضب والخوف والسعادة والامل اضافة الى شعور اضافي بالسخرية.
نقلاً عن القبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock