كتاب أكاديميا

ا.د محمود داود الربيعي يكتب: خصائص الاساليب المعرفية وانواعها

       يتفق معظم الباحثين والمختصين على وجود خصائص عامة للأساليب المعرفية منها : 
1-    تتعلق الاساليب المعرفية بشكل النشاط المعرفي الذي يمارسه الفرد اكثر من محتوى هذا النشاط ، أي يستطيع الاسلوب المعرفي ان يجيب عن الكيفية التي يفكر بها الفردمثلاًوليس عمّا يفكر فيه . 
2-    الاساليب المعرفية من الابعاد المستعرضة في الشخصية ، والتي لها صفة العمومية . وهي تتخطى الحدود الفاصلة التقليدية بين الجانب المعرفي والجانب الوجداني في الشخصية . 
3-    تتصف الاساليب المعرفية بالثبات النسبي لدى الفرد ، ولا يعني انها غير قابلة للتعديل او التغيير . فقد تتغير هذه الاساليب ولكن ليس بسهولة وبسرعة ، ويعني هذا امكان استخدامها في التنبؤ بسلوك الافراد . 
4-    تُعد الاساليب المعرفية ابعاداً ثنائية القطب ، ويُصنف الافراد وفق ذلك على متصل يبدأ بقطب وينتهي بقطب اخر ، ويوجد بين القطبين خط متصل يقع عليه الافراد ، قرباً او بعداً من احد القطبين . 
5-    الاساليب المعرفية ابعاد مكتسبة من خلال تفاعلات الفرد مع بيئته الخارجية ، اكثر منها صفات او خصائص موروثة . 
6-    تمر الاساليب المعرفية بمراحل نمو مماثلة لمراحل النمو المعرفي ، فيميل الافراد الى الاستقلال عن المجال الادراكي في مرحلة العشرينيات ، بينما يميلون الى الاعتماد نسبياً على المجال في مرحلة الرشد المتأخر وما يليها. 
7-    تتداخل الاساليب المعرفية وتتفاعل ديناميكياً مع بعضها في تأثيرها على السلوك ، حتى انه يمكن الاستدلال على اساليب الفرد المعرفية من خلال معرفة موقعه النسبي على امتداد اسلوب ما ، ويتضمن هذا الاشارة الى ان لدى الفرد اكثر من اسلوب معرفي . 
8-    ادت قابلية الاساليب المعرفية للتعديل الى اخضاعها لبرامج معينة تغير في سلوك اصحابها . ولعل اكثر الاساليب تعرضاً لتلك البرامج هو اسلوب الترويالاندفاع ، والمخاطرةالحذر . 

        هناك انواع عديدة للأساليب المعرفية ومنها : 
1- الاستقلال في مقابل الاعتماد على المجال الادراكي : 
يرتبط هذا الاسلوب بالطريقة التي يُدرك بها الفرد الموقف او الموضوع وما به من تفاصيل . فهو يتناول بالدراسة قدرة الفرد على عزل او انتزاع الموضوع المدرك منفصلاً ومستقلاً عن المجال المحيط كله ، أي يتناول قدرة الفرد على الادراك التحليلي . 
فالفرد الذي يتميز بالاستقلال عن المجال الادراكي يدرك اجزاء المجال في صورة مفصلة او مستقلة عن الارضية المنظمة له ، في حين يخضع الفرد الذي يمتاز بالاعتماد على المجال الادراكي بالتنظيم الشامل ( الكلي للمجال )، اما اجزاء المجال فيكون ادراكه لها مبهماً . 
2- التبسيط المعرفي في مقابل التعقيد المعرفي : 
ويرتبط هذا الاسلوب بالفروق بين الافراد في ميلهم لتفسير العالم وترجمته بطريقة معقدة وكثيرة الابعاد . 
فالفرد الذي يتميز بالأسلوب المعرفي المعقد اقدر على التعامل مع متغيرات الموقف الاجتماعي المتعددة ، وعلى ادراك ما حوله بصورة تحليلية ، وبايجاد التكامل بين هذه المتغيرات ، وهو اكثر قدرة على التعامل مع المجرد . اما من يمتاز بالأسلوب المعرفي البسيط ، فهو اقل قدرة في هذا المجال ، ويحتاج الى التعامل مع المحسوس والعياني . 
وهذا الاسلوب يتداخل مع اسلوب التركيب التكاملي ؛ لان كلا من الاسلوبين يُصنف الافراد الى من يستطيع التعامل مع المجردات ، ومن لا يستطيع التعامل الا مع المحسوسات والاشياء العينية . 

3- الاندفاع مقابل التأمل ( التروي ) : 
يرتبط هذا الاسلوب بميل الافراد الى سرعة الاستجابة مع التعرض للمخاطر ، فغالباً ما تكون استجابات المندفع غير صحيحة لعدم دقة تناول البدائل المؤدية لحل الموقف ، في حين يمتاز الافراد ، الذين يميلون الى التأمل بفحص المعطيات الموجودة في الموقف ، وتناول البدائل بعناية ، والتحقق منها قبل اصدار الاستجابات . 
4- المخاطرة في مقابل الحرص ( او الحذر ) : 
يتضمن هذا الاسلوب مدى مخاطرة الفرد او حرصه وحذره عند اتخاذ القرارات وتقبل المواقف غير التقليدية وغير المألوفة . فالفرد الذي يمتاز بأسلوبالمخاطرةيميل الى المغامرة ويقبل المواقف الجديدة ذات النتائج غير المتوقعة . اما الفرد الذي يمتاز بأسلوبالحرص والحذرفأنه لا يقبل بسهولة التعرض لمواقف فيها مخاطرة ، حتى ولو كانت نتائجها مؤكدة . ويرتبط هذا الاسلوب الى درجة كبيرة بعامل الثقة بالنفس . 
5- البلورة في مقابل الفحص : 
يتناول هذا الاسلوب الفروق بين الافراد في سعة الانتباه وتركيزه ، حيث يمتاز بعض الافراد بالتركيز على عدد محدود من عناصر المجال ، في حين يمتاز اخرون بالفحص الواسع لعدد اكبر من عناصر المجال ، بحيث يشتمل انتباههم على قدر اوسع من المثيرات المحيطة بهم ، او التي يتعرضون لها . 
6- تحمل الغموض او الخبرات غير الواقعية مقابل عدم التحمل : 
يتضمن هذا الاسلوب قدرة الافراد على تقبل المدركات التي تختلف عن الخبرة التقليدية ، كذلك تقبل الافراد ما يحيط بهم من متناقضات وما يتعرضون له من موضوعات او افكار او احداث غامضة غير واقعية . فبعض الافراد يستطيعون التعامل مع الافكار غير الواقعية او الغريبة عنهم ، في حين لا يستطيع اخرون تقبل ما هو جديد او غريب ، ويفضلون التعامل مع ما هو مألوف وواقعي. 

7- التسوية مقابل الشحذ او الابراز : 
يتناول هذا الاسلوب الفروق بين الافراد في كيفية استيعاب المثيرات المتتابعة في الذاكرة ، ومدى ادراك الفرد لتمايز مثيرات المجال المعرفي ، ودمجها مع ما يوجد في الذاكرة من معلومات او البقاء عليها منفصلة . فالافراد الذين يميلون عادة الى التسوية يصعب عليهم استدعاء ما هو مختزن بالذاكرة بصورة دقيقة ، حيث يصعب عليهم تحديد الاختلافات الموجودة بين المعلومات المختزنة بدقة ، في حين يمتاز الافراد الذين يميلون الى الشحذ او الابراز بأنهم اقل عرضة للتشتت ، ويسهل عليهم ابراز الفروق بين المعلومات المختزنة بالذاكرة . 
8- الضبط الضيق في مقابل الضبط المرن : 
يتضمن هذا الاسلوب الفروق بين الافراد في تناول المجال المثير الذي يحتوي على تداخل وتناقض معرفي . كما يتضمن القدرة على الانتباه الانتقائي ، بحيث يكون بعيداً عن المشتتات غير ذات العلاقة ، ويركز على العمل الرئيسي . أي ان بعض الافراد يكون لديهم القدرة على الانتباه الى الخصائص المرتبطة بالموقف ، واستبعاد المشتتات ، في حين لا يستطيع اخرون ادراك هذه المشتتات بدرجة كبيرة ، مما يجعل استجاباتهم تتأثر بالتداخل والتناقض . 
9- الانطلاق مقابل التقييد : 
يرتبط هذا الاسلوب بالفروق بين الافراد في الميل الى تصنيف المثيرات ومواقف الحياة التي يتعرضون لها . فبعض الافراد يصنفون المثيرات والمواقف بطريقة اكثر شمولية ، كما انهم يكونون اكثر قدرة على التعامل مع المثيرات المتعددة ؛ بينما يميل اخرون الى تصنيف هذه المثيرات تصنيفاً يتسم بالضيق وقصر النظر ، كما انهم لا يتحملون المواقف غير الواضحة التي تمتاز بتعدد المثيرات . 

10- اساليب تكوين المدركات : 
يرتبط هذا الاسلوب بالفروق بين الافراد في تكوين مدركاتهم عن العلاقة الوظيفية الموجودة بين المثيرات . فبعض الافراد يميلون الى تكوين مدركاتهم عن طريق تحليل الخصائص الوظيفية الظاهرية للمثيرات والتعامل معها على اساس خصائصها الظاهرية ، بينما يعتمد اخرون في تكوين مدركاتهم على قدرتهم في استنباط مستويات للعلاقات بين المثيرات المختلفة . 
12- التفكير التقاربي في مقابل التفكير التباعدي : 
يمثل هذا الاسلوب درجة اعتماد الفرد النسبية على التفكير التقاربي ، والتي تشير الى النهايات المنطقية الصحيحة ، في مقابل التفكير التباعدي ، والذي يشير الى انتاج معلومات متعددة ومتنوعة ، دون ان يكون هناك اتفاق مسبق على محكات الصواب والخطأ . 
13- تمييز الشكل الحسي : 
يشير هذا الاسلوب الى ما يكونه الافراد معتمدين نسبياً على الاشكال الحسية المختلفة المناسبة للخبرات الخارجية . وتتمثل الانماط الحسية في تفاعلها مع البيئة فيما يلي : 
أ‌-    النمط الحسي العضلي : وهو ما يؤدي الى ما يسمى بالتفكير الطبيعي او الالي . 
بالنمط الحسي المرئي : وهو ما يؤدي الى التفكير العددي او الملموس . 
جالنمط الحسي السمعي : وهو ما يؤدي الى التفكير اللفظي . 
والخبرات التي يمكن ان تنتج عن هذه الاشكال الحسية ، كما لو كان العقل في اليد او في العين او في الاذن ، ويشار اليها بالأنماط الحسية والسمعية والبصرية . 
ويختلف الافراد فيما بينهم بصورة ملحوظة في اعتمادهم على احد الانماط الحسية الثلاثة ، مما يؤدي الى ايجاد فروق مميزة في اساليب التعلم والتفكير . 
14- الالية القوية في مقابل الالية الضعيفة : 
يُشير هذا الاسلوب الى قدرة الفرد النسبية على اداء اعمال او مهام تكرارية بسيطة ، بالمقارنة لما هو متوقع منه بناءً على المستوى العام لقدرته . 
15- اسلوب تشكيل المجال : 
يُُشير هذا الاسلوب الى نوعين مستقلين من دوافع الادراك ، احدهما عنصر التشكيل ، ويشتمل على تشكيل مميز للخلفية العامة ، والاخر شكل التشكيل ويشتمل على اشكال عريضة مقابل الخلفية العامة للشيء المدرك . 
16- السيادة التصورية في مقابل السيادة الادراكيةالحركية : 
يشير هذا الاسلوب الى ان الافراد الذين يتصفون بالتصورية في المهام الصعبة او الجيدة ، يظهرون سلوكاً نظرياً تصورياً ، كما يظهرون عدم كفاية نسبية في السلوك الادراكي الحركي ، في حين تظهر عكس ذلك الافراد الذين يتصفون بالسيادة الادراكية الحركية . 
17- اسلوب التقسيم : 
يُشير الى طريقة الفرد في تناول المعتقدات والافكار واعتناقها . وينقسم الافراد من خلال هذا التقسيم الى : افراد يتناولون هذه الافكار بعقلية ونظام متفتح واخرين يتناولونها بعقلية ونظام مغلق . 
18- التركيب التكاملي : 
يشير هذا الاسلوب الى قدرة الفرد على تحويل ودمج العلاقات والمعلومات المقدمة اليه بصورة مركبة ومعقدة . 
ويًقسم الافراد من خلال هذا الاسلوب الى : تجريديين ، تكون الافكار والعلاقات لديهم منفصلة عن الاشياء والاحداث في العالم الخارجي ، وعيانيين ، تكون الافكار لديهم غير منفصلة عن الاحداث في العالم الخارجي . 

19- مدى الفئة : 
يدل اتساع نطاق الفئة على التكافؤ بين العناصر ، التي تؤلف فئة معينة من الاشياء او الافكار او الاشخاص او الموضوعاتالخ . كما يدل على مدى شمول هذه الفئة لعناصر مختلفة متنوعة ، ومدى مرونة او جمود متصل التداخل والتخارج المستخدم في التصنيف . 
وفي هذا يتفاوت الافراد في اتجاههم نحو توسيع او تضييق نطاق التصنيف ؛ فأصحاب النطاق الضيق يميلون الى المحافظة ، حيث يستبعدون العناصر التي يحتمل ان تكون غير ملائمة باستخدام اسلوب الافراد في التمييز ، ويميلون الى المخاطرة باستبعاد بعض الامثلة الموجبة الصحيحة الدالة على الفئة . اما اصحاب النطاق الواسع ، فيفضلون المخاطرة بإدخال عناصر غير ملائمة ، والامثلة السالبة في الفئة باستخدام اسلوب الافراط في التعميم .

ا.د محمود داود الربيعي \كلية المستقبل الجامعة \ بابل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock