كتاب أكاديميا

أ.د. نورية عبدالكريم العوضي تكتب: كيف نبعث الحياة من جديد في جودة التعليم العالي ؟ (2)

جميع الدول التي عانت من تدني جودة مخرجات مؤسسات التعليم العالي نجحت بالارتقاء بالجودة والفاعلية من خلال ترسيخ ثقافة التقييم الذاتي والنظر للجودة العالية كهدف أساسي لا يمكن التخلي عنه أو اغفاله والاعتماد الأكاديمي المؤسسي هو أهم عامل على الاطلاق يؤصل ثقافة التقييم ويرسخ ثقافة الجودة، وأصبحت المقايسة الاعتمادية المؤسسية من مسلمات تحقيق جودة التعليم العالي، وتولي جميع الحكومات في العالم عملية الاعتماد الاكاديمي المؤسسي اهتماماً جوهرياً لانه الأداة الأكثر فاعلية لجعل التعليم الجامعي عالي النوعية وهو المخرج الوحيد عندما تواجه جودة المؤسسات التعليمية تحديات كبيرة ومتشعبة.

وقد قام الجهاز الوطني للاعتماد الأكاديمي بوضع منظومة وطنية للاعتماد الأكاديمي المؤسسي ومعايير ومؤشرات قياس لجودة تكاملية تستفيد منها جميع مؤسسات التعليم العالي في الكويت.

ونقول وبكل فخر ان المعايير ومؤشرات قياس جودة التعليم العالي التي وضعها الجهاز الوطني للاعتماد الاكاديمي لاقت الثناء من خبراء اقليميين وعالميين من حيث رصانتها وتماسكها ودقتها، وبسبب حرص الجهاز الوطني على توطيد التواصل والتعاون مع هيئات الاعتماد الاكاديمي الاقليمية والعالمية ومع الخبرات في مجال الاعتماد الاكاديمي داخل الكويت وخارجها فهو قادر تماماً على تشكيل اللجان وفرق العمل عالية المهنية ومن ضمنها فرق المحكمين الخبراء الخارجيين وهم من سيقومون بتقييم مستوى جودة المؤسسات التعليمية في الكويت حفاظاً على حيادية المقايسة الاعتمادية ومنعاً لتضارب أو تكالب المصالح.

وتقتضي خبرتي في مجال جودة التعليم العالي أن أؤكد أن الجهاز الوطني مهيأ للانطلاق لتطبيق المقايسة الاعتمادية المؤسسية، وهي عملية نظامية منهجية وواضحة المعالم تقوم على الشراكة والتعاون بين الجهاز الوطني ومؤسسات التعليم العالي في الكويت ووظيفتها هي بلورة نقاط القوة بغية تعزيزها وبلورة نقاط الضعف بغية اصلاحها وتحديد أوجه التحديات المقبلة وبغية التخطيط الناجع للتعامل معها.

نختم فنقول إن الحلول المجزأة (ومنها عقوبات الغش في امتحانات الثانوية العامة، واشتراط الآيلتس بمعدل متوسط، ودخول برامج محددة في الاعتماد البرامجي، كدخول برامج الهندسة في الاعتماد الأكاديمي الممنوح من قبل مؤسسة ABET) عاجزة في واقع الأمر عن تحرير مستقبل الكويت من بطش الفساد الاكاديمي والتعليم الرديء.

فلا شيء سوى التحلي بروح المسؤولية والشجاعة في تحصين مقومات الجودة الشاملة من جميع التدخلات المنفعية، وتفعيل وترسيخ دور الجهاز الوطني كجهة رقابية فنية مستقلة، والبدء بتطبيق المقايسة الاعتمادية المؤسسية يفتح عهداً جديداً لإصلاح التعليم العالي في الكويت، وجعل خطته متماسكة ومنسجمة مع الخطط التنموية للدولة ومع الميزانيات الضخمة التي تصرف عليه من المال العام. هكذا نبعث الحياة من جديد في جودة التعليم العالي في الكويت.

أ.د. نورية عبد الكريم العوضي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock