كتاب أكاديميا

أسماء السكاف تكتب: إكسير الشباب

دخلتُ من فترةٍ قريبة إلى إحدى المدارس الثانوية بناءاً على موعدٍ مسبق رتّبته ونسّقته معي إحدى المُدرّسات عبر الهاتف لإعطاء ورشة تدريبية لفتيات المدرسة، لم ألتق بالمعلمة من قبل كان تواصلا عبر الهاتف فقط، استقبلتني عند المدخل شابة تشع حماسا وتفاؤلا، سُررت من داخلي فأنا أُحب العملَ والاحتكاك بالشباب المتحمس المتفائل، مشت بي عبر الممرات وهي تشرح وتحكي لي، بعد أن أنهيت ما أتيت لأجله جلست معها ومن خلال الأحاديث قالت لي: أنّها تبحث عن عروسٍ لولدها بمواصفات معينة، لم أُخف دهشتي وصدمتي قلت لها: أتمازحينني ضحكت وقالت: لا والله إنها الحقيقة، عرفت لاحقاً أنها شابة في الخمسين ربما تفوق بعض العشرينيات شبابا ولكن ليس بالنفخ والقص والتجميل أبدا بل بالروح التي تطغى وتظهر على الجسد والملامح، قالت لي جملة أظنني لن أنساها قالت: أحب في نهاية يومي أن أنام من التعب لا أن أنام من الملل والفراغ، حواري معها وما دار بيننا وما رأيته يُناقض تماما ما كنت قبل أيام أتحدث به مع مجموعة من صديقاتي اللاتي اتفقن أن العمل الدؤوب وربما الإنجاز أيضا يستنزف جسدَ وعمر المرأة وأنه يظهر جليّا على الملامح فيعطي أي سيدة عمرا أكبر من عمرها بسبب التعب !!

كل النساء تقريبا على مرّ العصور تبحثن دوماً عن إكسير الشباب ذلك الشيء الذي يُقاوم ملامح التقدم بالعمر ويُخفي الشيخوخة فاستغلّت الشركات هذا من مستحضرات و(كريمات) وإبر ومساحيق تُخفي خطوط الزمن التي تُخط على الوجه والجسد، ما غاب عن الغالبية هو أن الشباب بالروح قبل الشكل، فلو شاخت الروح لن يستطيع أكبرُ جرّاح تجميل أن يُرمم الملامح.

ازددتُ يقيناً وقناعةً بأن عملَ ما تحب وإنجازه ولذته هو إكسير الشباب الدائم، لا تستمع لمن يقول لك اجلس في منطقة الراحة، (ريح عمرك) ارتح، خذ راحة، كلها كلمات تدفع بك بعيدا عن النجاح، فالعمر يركض والسنوات تمر مسرعة جدا وأعمالنا هي أعمارنا نمضي وتبقى في الدنيا آثارنا.

بالمقابل العملُ بغير ما تحب والعمل بشيءٍ أنت مجبرٌ على القيام به هذا ما قد يدفع بالروح للهرم وبالتالي للجسد للهرم، إذاً فالمعادلة طردية بين شباب الروح وشباب الجسد بالطبع مع بعض الاهتمام الغير مبالغ فيه.

الأمور الروحية الدينية التعبدية هي أكثر ما يُنعش الروح ويجدد خلايا العقل كُلنا يقين بذلك ولهذا نرى أغلبَ جدّاتنا وكبار العمر في بلادنا ممن يقرأن القرآن بشكل يومي ويُواظبن على صلواتهن بأوقاتها بروح جميلة أو إن صحّ التعبير بسلام داخلي كبير، ولكن هل هذا يكفي؟ 

العبادة الصحيحة مقرونةٌ بالعمل، إذاً فإكسير الشباب الدائم هو الإنجاز والعمل.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock