كتاب أكاديميا

ا.د محمود داود الربيعي يكتب: التزاوج بين تقنية المعلومات والنموذج التعليمي وسيلة ناجحة للنهوض بالتعليم

 

ان العصر المعلوماتي بمعطياته الحاضرة وامكاناته المستقبلية يمثل تحديات تمس عصب المشروع التربوي اهدافه واستراتيجياته ونظمه وبعبارة اخرى مدخلاته وعملياته ومخرجاته وفرض هذا العصر او يفرض حالياً ضغوطاً متزايدة لتغيير اولويات المشروع التربوي المرتبطة بمخرجاته من المتعلمين هذا المد المعلوماتي مصحوباً بموجة العولمة وانفتاح السوق والتنافس الاقتصادي المتنامي بين المجتمعات البشرية بات يشكل هاجساً للقيادات السياسية والتربوية في العديد من دول العالم لإصلاح نظمها التربوية شكلاً ومضموناً اصلاحاً يقوم علىتقنية التعليم او حوسبتهاذا جاز التعبير وبعبارة اخرى اصلاحاً يقوم على دمج التقنية في التعليم دمجاً يهدف الى تطوير مهارات التعلم والاعمال التي تتطلبها الحياة كمهارات التفكير العليا والبحث والعمل الجماعي والمبادرة والاتصال والابتكارية .
وقد غزت التقنيات الحديثة معظم مجالات حياتنا ، واصبحت جزءاً لايتجزأ من واقعنا ، وغدا الاخذ بهذه التقنيات شكلاً من اشكال التحديث ومواكبة العصر ، كما غزت هذه التقنيات من ضمن ما غزته مجال التعلم والتعليم .
  ان الضغوط التي تواجهها العديد من الدول لإصلاح نظمها التربوية ليست نتاجاً للتغير التقني فقط كما يعتقد الكثيرون وانما هي في الحقيقة نتاج لقوى متنوعه ومتفاوته في طبيعتها وتأثيرها وهذه القوى المؤثرة تشمل الى جانب الثورة المعلوماتية التغيير المفاهيمي حول الكيفية التي يتعلم بها الفرد فأساليب التعليم والتعلم الحديثة المعتمدة على هذا التغيير تتناغم مرتكزاتها ومبادئها مع متطلبات الحياة والعمل في الالفية الثالثة من جهة ومع امكانات التقنية من جهة اخرى واذا اضفنا الى هذين المتغيرين تقنية المعلومات والتحول في نظريات التعلم فان النظام التربوي التقليدي يعجز عن الاستجابة لمتطلبات الحياة في الالفية الثالثة وان التزاوج بين تقنية المعلومات والنموذج التعليمي الحديث يفتح الباب واسعاً امام اصلاحات تربوية جديدة لم يعهدها النظام التربوي من قبل .
ان وسائل التقنيات التعليمية من العناصر الاساسية التي تستخدم ويمكن استثمارها في مخاطبة جميع حواس المتعلم فهي تقوم في اساسها على اشتراك اكثر من حاجة في تكوين التصور الذهني والمدركات والمفاهيم بصورة افضل من الاسلوب التقليدي القائم على الالفاظ واداء النموذج لدى المعلمين ،اضافة الى ذلك فإنها تقدم خبرات حية وقوية التأثير وتؤدي الى زيادة بقاء اثر ما تعلمه المتعلم مما ينعكس على التعلم وجعله حياً ومحسوساً وهذا يعطي للمتعلمين مجالاً اوسع للملاحظة والتفكير والفهم والاكتشاف والابتكار وترسيخ المعلومات في اذهانهم.
   ولما كان المعلم او المدرس هو العنصر الفاعل في عملية تنفيذ المناهج فلا بد من ان يكون على بينة من حركة التطور في وسائل وتقنيات وتكنولوجيا التعليم وخصائصها وعناصرها لكي يكون قادراً على التعامل معها ووضع الخطط الفاعلة لاستخدامها في الواقع العملي التطبيقي ، وانطلاقاً من هذه الحقيقة نرى  ان يتم وضع بين ايدي المدرسين والمعلمين والطلبة ما يمكن ان يفيدهم في الالمام بمفهوم التعلم والتعليم والوسائل التعليمية وتقنيات وتكنولوجيا التعليم ، والاسس التي تقوم عليها وذلك لمسايرة التغيير الدائم والسريع وتقييم ادائهم بواسطة معايير دقيقة تشدد على تحقيق انجازات اساسها الكفاية والفاعلية مما سيكون لهم الدور الفاعل في تهيئة المناخ المناسب لإنجاح اعمالهم والوصول بهم الى ما نبتغيه من مستوى بناء ونافع .
   من هنا تأتي اهمية تقديم احدث الأساليب والوسائل والتقنيات وتكنولوجيا التعليم والتي يمكن تطبيقها في حقل التربية والتعليم وحينما نخطط لتطوير مؤسساتنا التعليمية التي يقع على عاتقها مهمة اعداد المعلمين والمدرسين اعداداً خاصاً يؤهلهم للقيام بمهامهم التعليمية على افضل وجه ، علينا ان نضع نصب اعيننا هذه العناصر الاساسية في عملية التطوير والبناء والاهتمام والحرص على ان يكون المستقبل وهاجاً من خلال العناية بهذه العناصر وبما يتلائم مع طموحاتنا في التغيير وتطلعاتنا للغد القريب والبعيد .ونأمل ان نحققً لبعض ما نرجو ، املاً في الوقوف امام ذلك التطور المتسارع في هذا العالم المتغير ومحاولة اللحاق بابداعات العقل الانساني ومواكبة كل ما هو جديد ومفيد . 
ومن الله التوفيق

ا.د محمود داود الربيعيالعراق–  بابلكلية المستقبل الجامعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock