كتاب أكاديميا

محمد العوضي يكتب: أبناؤنا… وجريمة التعليم البائس!

انتهجت الكويت في طريق استكمال نهضتها التعليمية في مرحلة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات سبيل الاستعانة بالمدرسين المميزين فاستقدمت أفضل الموجودين في اختصاصاتهم، وكانت المدارس الحكومية الكويتية قبلة الدارسين من دول الجوار، وفيها تخرج الكثير من إخواننا من أهل البلد أو الوافدين الذين تبوأوا فيما بعد مناصب مهمة في بلدانهم، إلى وقت الغزو المشؤوم الذي شكل بالفعل انقلاباً في كل مناحي الحياة في الكويت، وقلب تفوقنا المستمر إلى تراجع مخجل ومؤلم في كل شيء.
بعد أن كانت الكويت منارة في كل شيء اجتماعياً وأمنياً وتعليمياً وسلوكياً وإبداعياً ورياضياً أصبحت اليوم في ذيل قائمة الدول مع شديد الأسف.
ولعل التعليم والتوجيه التربوي هو أساس إصلاح المجتمعات وسر نهضتها وتقدم أهلها، ولهذا تحرص الأمم على تنشئة جيل واعٍ من خلال تدعيمه بالعلم والمعرفة وتربيته على القيم والأخلاق واحترام القوانين ومحبة الناس وحفظ الحقوق.
منذ مرحلة ما بعد التحرير تحول التعليم في غالبية مدارس الكويت إلى مشاريع رخيصة الهدف منها منح شهادة دراسية تمنح للطالب، لا يراعى فيها أداء الأمانة من اختيار المعلمين الأكفاء ولا منحهم الحقوق الواجبة ليخرجوا أجيالاً متعلمة وقادرة على منح الكويت وأهلها ما يستحقون.
ثم جاءت الكارثة الأعظم والطامة الأكبر وهي بعض المدارس الخاصة التي يتعامل كثير من مدرسيها مع أبنائنا على أنهم مصدر للدخل المباشر وغير المباشر، الدخل المباشر تحصله إدارات المدارس كرسوم سنوية، والدخل غير المباشر يتم شفطه من جيوب الآباء ليدخل في بطون المدرسين الخصوصيين، ومع قيام وزارة التربية بتجريم الدروس الخصوصية إلا أنها منتشرة انتشار النار في الهشيم لعدم تفعيلها عقوبات رادعة لهذه الجريمة الأخلاقية والتربوية والتعليمية.
ومع ضياع أموال أولياء الأمور على ما يُفترض فيه أن تكون بيئة تربوية حاضنة للأبناء، يتفاجأ الوالدان بأن أبناءهم أصبحوا نهباً لسلوكيات غير تربوية من بعض المعلمين الذين اعتادوا في بلدانهم المضي في سياسة «التعليم بالشتيمة» أو الضرب أو إذلال الطالب والطالبة وجعلهم خصوماً غير متساوين معهم، فيتعلم الطالب والطالبة ألفاظاً غير معتادة، بل ويسلكون سلوكيات غير قويمة، ولعل ما نشرته وتنشره صحيفة «الراي» منذ نحو عشرين سنة عن ظواهر غير تربوية في مدارسنا الحكومية والخاصة، وتسلط من خلال تحقيقات صحافية الضوء على مواطن الخلل وبروز إشكالات قيمية ابتدأت بالتدخين وانتشار ظاهرة البويات والجنوس وترويج بعض الحبوب المخدرة والحشيش وصولاً إلى مرحلة الإلحاد مروراً بالهروب من المدرسة والتحرشات والعنف الطلابي وغيرها، لو أن المسؤولين عن الجسم التربوي تنبهوا لما تتشره «الراي» وما كتبه الغيورون منذ تلك الفترة لربما انصلح الحال وتوافقت الجهات الحكومية على سياسة إصلاح تعليمي ينهض بالبلاد.
قبل نحو أسبوعين ثارت ثائرة الناس بعد انتشار مقطع فيديو تظهر فيه معلمة في مدرسة خاصة توبخ طالبة وتضربها وتنعتها بالحيوانة، وأنا لا أقلل من سلوك المعلمة المتجني على بناتنا الطالبات، لكني أتساءل عن عدد المعلمين والمعلمات الذين تجرأوا على إيذاء أبنائنا وتحويلهم إلى «مسوخ تعليمياً» وهم ينعمون بالأمن وينامون قريري العيون لأنهم يعلمون أن يد العدالة لن تطالهم وأن غالبية طلبة المدارس الخاصة من الوافدين أو البدون المغلوبين على أمرهم، وإن شكاواهم وإن علا صوتها لن تصل لآذان «مسؤولي الكراسي».
مقترح:
لماذا لا تقوم وزارة التربية والتعليم بفتح مدارسها الحكومية لاستقبال الطلبة البدون والوافدين برسوم مادية رمزية لتخفيف العبء عن كاهل أولياء أمورهم، وإعادة استقدام معلمين أكفاء لعلنا نرى يوماً عشناه في سالف أيامنا؟!
 محمد العوضي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock