كتاب أكاديميا

عادل الشمري يكتب: حبسة الكاتب

كنتُ أعاني ضيقا شديدا وضجيج سراب الأفكار يكاد يفلق رأسي من شدة اليأس كنت يائسا متألماً من شدة الفراغ.

سأنتحر ما هذا لماذا كل هذا اليأس، هل يعقل أن يحبس المرء في مكان مد بصره اي حبس هذا يا ترى، أظن ان كل مساجين العالم الذين خنقتهم الجدران يتمنون حبسا كحبسي وأنا اتمنى حبسا كحبسهم ولا أُحبس في حبس كهذا اي تضييقٍ أعيشه هذه الأيام يارب رحماك لم أعد أطيق هذا الفراغ هذا الصمت هذا الخذلان من أفكاري.

ذهبت للخارج أفرق هذا الشتات المجتمع!

صادفت صديقا قديما كان متأنقا فوق العادة او فوق ما اعتدت أنا لأني كنت مبعثرا كان مظهري يشبه فوضوية أفكاري وكان يحمل عربة صغيره او حقيبة تسير لا اعرفها سلم علي سلاماً حار وسلمت عليه كان هذا اللقاء جيدا لي كان سببا للهروب من الواقع المر الذي أعيشه أخبرني انه ذاهب لمعرض الكتاب وأن هذه الحقيبة ستملأ من عقول أهل العلم والمعرفة وطلب مني مرافقته لتلاقح الأفكار قلت سأذهب معك لأني لم أدخل معرض كتاب منذ مدة.

كان حديثنا في الطريق باهتا جدا كلما قال شيئاً وددت أن اقول له “هل السالفة للبيع” كان أدبي يمنعني من التفوه بها، أكملنا المسير وكان الصبر رفيقي متى وصلنا إلى المعرض، أخبرته اني سأرافقه فلا يوجد شيء محدد أريد شراءه.

دخلنا معرض الكتاب وحسبت أني داخل في منتزه للعائلات، رحم الله تلك الأماكن التي يملأها غبار الكتب ووجوه الباعة التي تتوقد علما، رافقته بصبر أيضا، كنت كلما مرت بي فتاة كنت انفض غبار “مكياجها” من على ثيابي، رحم الله من كانت تستقرض مالا لتشتري كتابا.

مهلا صديقي الى اين أنت ذاهب، أخبرني انه سيشتري كتابا جديدا والكاتبه تضع توقيعها على كتابها، رأيت حشدا من الناس حولها منعوني من رؤيتها اصطففنا لننال شرف امضاء خربشاتها، قلت هل تعرفها؟!

قال نعم هذا الكتاب هو مدار الحديث في السوشل ميديا.. رحم الله مجالسا كان تناقش فيها الكتب على أسس علمية ومعرفية صارمة.

أخبرته ماذا قالوا عنه؟!

فأخبرني بأن “الفاشنيستا” ألفت كتابا؟!

انت ذاهب لكي تشتري كتابا فقط لأن فاشنيستا ألفته؟!

لم يجب لأنا وصلنا اليها واخيرا.

اعطاها كتابه لتوقعه.

وسألتها عن نوع الكتاب؟!

فقالت عن الحب.

مسكينٌ هذا الحب الكل يكتب فيه برأيي أن الدين والحب هما أكثر شيء يتشجع المتطفل على المعرفة الكتابة فيه.

أردت سؤالها كم كتابا قرأتي لكن لم يسفعنا الوقت من هول الذين ورائي.

طوال معرض الكتاب صديقي يشتري كتبا لا اعرفها ولكتاب لا اعرفهم وجميعها عن الحب!

كان يخبرني صديقي ان عدد متابعيهم في مواقع التواصل الاجتماعي تفوق المليون.. وكان يقولها بفخر.

عدت إلى البيت أمسكت بقلمي وقلت له أرجوك عد أرجوك تحرك إن أعداء المعرفة كثروا مالك هامد بلا حراك بلا حياة أرجوك انطق بنصف كلمة بربعها أي شيء ماذا سيفعل الجيل القادم وكتّابهم هؤلاء.

أخرج مافي داخلك فالأكثر مبيعا في المكتبات هي الأسمج والأسخف لماذا تمتنع عن الكتابة مثلهم وأنت قادر.

لماذا لا تكتب مثلهم وأنت لست عاجز لماذا مافرقهم عنك.

يا لعجزي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock