أخبار منوعة

رواد العمل الخيري الكويتيون.. بصمات واضحة في مختلف أنحاء العالم

 

جبل أهل الكويت منذ القدم على مد يد العون والمساعدة الإنسانية عبر أعمال خيرية بلغت مختلف أرجاء الأرض بعيدا عن أي اعتبارات تتعلق بالدين أو العرق أو الجنس أو اللون ما منح دولة الكويت مكانة رائدة في المنطقة والعالم وجعل منها مثالا يحتذى في الخير والبذل والعطاء.
وتنوعت سبل العمل الخيري في البلاد حيث تعمل مؤسسات الدولة جاهدة كذلك المواطنون على تقديم المساعدات لكل من يحتاجها في أي مكان حول العالم وإيصال الاحتياجات الأساسية من طعام وشراب وخدمات صحية وتعليمية إلى المجتمعات الفقيرة.
وبرز من أهل الكويت رواد ورموز للعمل الخيري ونشر الإسلام الوسطي وثقافة التسامح بين الناس يقدمون الخير أينما استدعى الأمر مضحين بأنفسهم وراحتهم من أجل تقديم رسالتهم الإنسانية السامية التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف بالحكمة والموعظة الحسنة.
ولعل أبرز من فقدت الكويت في هذا المجال أخيرا وفجعت باستشهاده الشيخ الدكتور وليد العلي والشيخ فهد الحسيني إثر هجوم إرهابي غادر في (واغادوغو) عاصمة بوركينافاسو ليل الاثنين الماضي.
فالدكتور وليد العلي هو إمام وخطيب المسجد الكبير في الكويت وأستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية بعد التحاقه بكلية القرآن الكريم في المدينة المنورة وكان أول كويتي يتخرج في هذه الكلية ودرس علوم القراءات والتفسير وأكمل الماجستير والدكتوراه في قسم العقيدة أما الشيخ فهد الحسيني فهو خريج كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت.
وبهذه الفاجعة تكون الكويت قد فقدت أحد أعمدتها في مجال العمل الدعوي والخيري والإنساني لاسيما دور الفقيدين رحمهما الله في وزارة الأوقاف ولجنة تعزيز الوسطية في نشر سماحة الإسلام ورسالته الوسطية والاعتدال إلى جانب العمل الخيري في شتى البقاع.
ومن تلك الأسماء كذلك الدكتور عبدالرحمن حمود السميط الذي رحل عن دنيانا في أغسطس 2013 بعد مسيرة عطاء طويلة تخطت حدود البلاد لتصل الى آفاق إفريقيا حيث زرع بصمة طيبة تحكي قصة كفاح هذا الرجل في رسم البسمة على وجوه الملايين من المحتاجين والفقراء هناك.
ويعتبر الفقيد السميط شخصية كويتية رائدة في مجال العمل الخيري والإغاثي أفنى عمره بهذا المجال في مختلف أنحاء العالم لاسيما في القارة الإفريقية ليصبح رحمه الله أحد أعلامه البارزين على مستوى العالمين العربي والإسلامي.
ومن أبرز الأعمال الخيرية والإغاثية التي قام بها الفقيد طوال مسيرة عطائه تأسيس لجنة مسلمي مالاوي في الكويت عام 1980 وتوليه منصب أمين عام لجنة مسلمي إفريقيا ومقرها الكويت عام 1981 ورئاسة فرع جمعية الأطباء المسلمين في أمريكا وكندا عام 1976 وتأسيس فروع لجمعية الطلبة المسلمين في مدن (مونتريال) و(شيربروك) و(كويبك) بكندا بين عامي 1974 و1976.
وساهم الراحل من خلال لجنة مسلمي إفريقيا كأول مؤسسة إسلامية متخصصة وأكبر منظمة عربية إسلامية عاملة في إفريقيا كذلك من خلال لجنة الإغاثة الكويتية في إنقاذ أكثر من 320 ألف مسلم من الجوع والموت في السودان وموزمبيق وكينيا والصومال وجيبوتي خلال مجاعة عام 1984.
وعلى صعيد أعمال البر قام الدكتور السميط رحمه الله بالعديد من المشاريع الخيرية منها بناء 1200 مسجد ودفع رواتب شهرية ل 3288 داعية ومعلما ورعاية 9500 يتيم وحفر 2750 بئرا ارتوازية ومئات الآبار السطحية في مناطق الجفاف التي يسكنها المسلمون حول العالم وبناء 124 مستشفى ومستوصفا وتوزيع 160 ألف طن من الأغذية والأدوية والملابس وتوزيع أكثر من 51 مليون نسخة من المصحف الشريف وطبع وتوزيع 605 ملايين كتيب إسلامي بلغات إفريقية مختلفة.

كما قام الراحل السميط أيضا ببناء وتشغيل 102 مركز إسلامي متكامل وعقد 1450 دورة للمعلمين وأئمة المساجد ودفع رسوم الدراسة عن 95 ألف طالب مسلم فقير وتنفيذ وتسيير عدة مشاريع زراعية على مساحة 10 ملايين متر مربع وبناء وتشغيل 200 مركز لتدريب النساء وتنفيذ عدد من السدود المائية في مناطق الجفاف.
وفضلا عن ذلك تكفل الراحل بإقامة عدد من المخيمات الطبية ومخيمات العيون للمحتاجين مجانا للتخفيف على الموارد الصحية القليلة ضمن إطار برنامج مكافحة العمى وتقديم أكثر من 200 منحة دراسية للدراسات العليا في الدول الغربية.
ومن الأسماء اللامعة في فضاء البذل الكويتي الراحل الشيخ عبدالله النوري الذي ترك بصمة كبيرة من الأعمال الخيرية والإحسان لاتزال ماثلة في وجدان أهل الكويت إذ يعد النوري الذي ولد عام 1905 من أبرز رجالات الفقه.
وكان الراحل الشيخ النوري يتحلى برجاحة عقل ودماثة خلق وحسن الحديث علاوة على حبه وسعيه الدائم إلى أعمال البر والخير.
ويسجل للشيخ النوري رحمه الله إسهامه كعالم من علماء الكويت الذين أضاءوا الطريق لمن جاءوا بعدهم قولا وعملا فكان ولم يزل قدوة حسنة في العالم العربي وخارج حدود العرب حيث أصبح بما قدمه من إحسان حيا في تاريخ الوطن وفي قلوب الناس.
وبدأ الراحل عام 1970 رحلاته في كثير من البلاد الإسلامية والبلدان التي توجد فيها أقليات مسلمة حيث كان مهتما بأمور المسلمين وأحوالهم في الكويت وخارجها وكان يقوم بجمع الأموال والتبرعات من المحسنين لتوظيفها في خدمة الإسلام والمسلمين.
ومن تلك الرحلات تجواله في إندونيسيا عام 1977 حاملا معه مبلغا من المال لتوزيعه على المدارس والمستشفيات بالتعاون مع جمعية إسلامية معتمدة ومن ثم إلى أستراليا ليجمع التبرعات اللازمة لإنشاء مدرسة إسلامية كما اشترى دارا هناك لتكون مقرا لتلك المدرسة.
وعندما توفي النوري عام 1981 قبل اكتمال عدد من المشروعات واصل رجال الخير الذين نهجوا منهجه مسيرته على درب الخير وقرروا تأسيس جمعية خيرية تحمل اسمه.
كما يعتبر العم عبدالله العلي المطوع الذي توفي في سبتمبر 2006 من أبرز الفعاليات الاقتصادية المساهمة في دعم العمل الخيري والاقتصاد الإسلامي في الكويت وثوقا بالتجربة الاقتصادية الإسلامية منذ بداياتها.
وسخر المطوع ماله ووقته وشبابه لخدمة الانسانية من خلال مئات المشاريع الخيرية من مدارس ومستشفيات وكفالة أيتام وحفر آبار والإنفاق على الأرامل والمسنين والمعوزين من أدغال إفريقيا إلى آسيا وأوروبا الشرقية وغيرها من بلدان العالم التي زارها سفيرا للخير.
وكان رحمه الله من أبرز رجالات العمل الخيري محبا له ومنفقا سخيا على جميع أوجه البر والخير إذ كان يستقبل في مكتبه أصحاب الحاجات ويسعى جاهدا إلى تلبية احتياجاتهم.
وفي أغسطس 2006 ودعت الكويت الشيخ علي الجسار أحد أبرز رجالات الكويت ومن أوائل الذين انضموا إلى الحركة الإعلامية عبر تلفزيون الكويت عام 1961 ثم الإذاعة وذلك بالتزامه واستمراره في تقديم الحديث الديني الأسبوعي وطرحه للقضايا الدينية والاجتماعية بتميز وبساطة.
ويعد الشيخ الجسار من أبناء الكويت الأوفياء لوطنهم فقد وصل برسالته إلى قلوب الجميع وكان واعظا تربويا ومصلحا اجتماعيا وعالما فاضلا وشيخا جليلا.
كما يعد الشيخ الجسار رحمه الله من رجال الدين الذين يواظبون باستمرار على تقديم النصح والإرشاد وخدمة المسلمين بشتى الطرق سواء في خطب الجمعة أو من خلال برامجه المتعددة في الإذاعة والتلفزيون.
ومن رجال الخير الكويتيين برز اسم الراحل محمد معرفي الذي رحل في أكتوبر 1976 حيث تميزت شخصيته بحبه لعمل الخير ومساعدة المحتاجين والفقراء فقدم تلك الصدقات سرا وعلانية حيث لم تعرف جل أعماله الخيرية إلا بعد وفاته.
ومن أعماله الخيرية في البصرة عندما كان الشعب العراقي بحاجة إلى المزيد من الرعاية الصحية حيث أنشأ مستشفى هناك متخصصا بالولادة ورعاية الأطفال عام 1952 وقد أطلق عليه الشعب اسم (مستشفى معرفي) الذي لايزال يعمل حتى الآن ويعرف باسم (المستشفى الجمهوري) حاليا.
واستمرت أعمال الراحل الخيرية في التوسع بعد وفاته حيث تم تأسيس مبرة تحمل اسمه في عام 1999 لاستثمار ثلثه الخيري والإنفاق من ريعه على أوجه الخير وخصوصا تأسيس المشروعات الخيرية التي تعود بالنفع على أكبر عدد من البشر في شتى بقاع الأرض.
ومن المشروعات التي قامت المبرة بإنجازها مدرسة معرفي (في شي شيا – هايون – نينغشيا – الصين) ومسجد معرفي (في تونجوا بولاية ستول بتايلند) ومستوصف معرفي (في هايون – نينغشيا – الصين) ومستشفى معرفي (بسعة 40 سريرا في شمال باكستان 1995) ومستشفى معرفي (بسعة 40 سريرا في أصفهان في إيران 1995).
ومجمل ذلك يمثل بلا شك نفحة طيبة من نفحات أهل الكويت المعطرة بالإيمان والصدق ونبذة مختصرة عن أعمال نابعة من نفوس ثرية مستشعرة لعمق المسؤولية الإنسانية وأفراد في دولة ستبقى دارا للخير ومنارة للوسطية والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة من خلال أبنائها الأوفياء. (كونا)

 


 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock