كتاب أكاديميا

النكهة السحرية … م. شهد الناصر

هل سألت نفسك يوماً قبل أن تحكي قصة ما قبل النوم لطفلك، هل ستترك أثر في نفسه أم لا؟ هل في وقتنا الراهن مع هذا التطور هل لقصة ما قبل النوم معنى في حياتنا؟
كلما كبرت، كلما ازداد عمق الأمور والمشاكل والصداقات والعلاقات والقضايا والمفاهيم،

أشياء كثيرة سببها ببساطة لأنك كبرت، في كثير من الأحيان يضيق صدرك وتحتاج للهدوء وللاحتضان، تحتاج لمن يحكي لك قصة تعود فيها طفلاً يغفو على أحلامه ويستقي من الحياة كل ما يحب. 
هذا أنت! تحتاج لقصة ما قبل النوم لتهدأ من ضغوطات يومك، فما بالك بطفلك الذي ستؤثر عليه على المدى البعيد وقد يصل لمثل هذه اللحظة التي تعيشها أنت الآن سيتذكر قصتك التي كنت تحكيها له، سيتذكر نكهتها العجيبة وقدرتها على تعديل مزاجه وسيهدأ عندما تنهكه الحياة.

إن لقصة ماقبل النوم تأثير كبير وفوائد كثيرة:
١- قصة ما قبل النوم الخالية من الأحداث المرعبة تساعد طفلك على الاسترخاء والنوم الهادىء، مما يجعله يستيقظ في الصباح بكل نشاط وحيوية، ألا تذكر هي أجمل شيء كان يبعث في نفسك الراحة عندما كنت طفلاً، فما بالك بطفلك الذي طيلة اليوم يتشوق لليل يدخل فيه لعالم الخيال.
فبدلاً من أن تختتم يومك بالصراخ معه وجعله يبكي واستخدام صيغة التهديد والعبارات الغاضبة لإجباره على النوم، اسرد له قصة قبل أن ينام واجعل نومه هادئاً خالياً من الكوابيس. 
٢- قصة ما قبل النوم تحميه من خطر الألعاب الالكترونية، لقد أصبحنا في عالم لا ينام فيه الطفل إلا بعد دخوله التلفاز أو دخوله ألعاب معظمها غير مفيد تجلب له البدانة وتجلب له العزلة ويصبح طفل غير اجتماعي، ويصبح أناني وعنيف مما يقلل من تركيزه في دراسته.
احميه من ذلك كله واقرأ له قصة تنمي فيها عقله الصغير، حيث تقول الدراسات الحديثة أنه خلال ثوان من بداية قراءة كتاب لطفلك الصغير تندفع آلاف من خلايا دماغه للعمل.

٣- قصة ما قبل النوم تساعدك في تحسين العلاقة بينك وبين طفلك، حيث بعد يوم طويل من الشد بينكما ومعاقبته على أفعاله يأتي وقت النوم لتصفو الأجواء، وبالتالي فإن شعوره بهذا الجو الهادىء الذي تسوده مشاعر الحب والاحتواء سيقربك منه على المدى البعيد في المراهقة والشباب.

٤- حكايتك لطفلك تجعله يتعلم الإنصات الجيد، فعندما تسرد له القصة تتعزز وتترسخ فيه صفة جيدة وهي الاستماع للآخر، وبذلك تدريب عملي له على الإنصات الجيد.

٥- حكاية ما قبل النوم تزيد من خيال الطفل وبالتالي تزيد قدراته الإبداعية، حيث أثبتت الدراسات أن الطفل المبدع من تكون له قوة خيال واسعة.
٦- الطفل يملك رغبة في الكلام فبدلاً من أن يتحدث كلمات لا معنى لها تأتي قصة ما قبل النوم لتجعله يدخل في جو من الكلام والحوار المفيد الهادف، فمجرد نقاشك له والأسئلة المتبادلة بينكما سيتعزز عنده تدريجياً فهم المواقف ومن ثم محاولة التحكم بمشاعره فيستوعب أن الشعور بالغضب أو التوتر هو أمر طبيعي لكن عدم تفريغه بطريقة سيئة خاطئة.

٧- قصة ما قبل النوم هي أفضل وسيلة تعليمية لتعليم طفلك السلوكيات التي تريدها منه في النهار.
اجعل كل شيء حوله يتكلم فستحصل على الهدف التعليمي والسلوكي الذي تريده، اجعل فرشاة الأسنان تتكلم معه، اجعل قلمه ودفتره المدرسي يشتاقان إليه، اجعل الخضروات تغني له، وبذلك سيحب كل شيء من حوله.

٨- تستطيع من خلال السرد القصصي المصحوب بالآداء الدرامي بالصوت والحركات أن تثير الحيوية في أحداث بعيدة عن طفلك في زمانها ومكانها، فتتحول من أخبار جامدة إلى أدوات لزرع القيم الأخلاقية ثم وسيلة إلى نقد الأفعال الخاطئة في حياته ليتجنبها بحيث تجعله يبتعد عن الأفكار غير السوية كالكسل واللامبالاة والاعتماد على الحظ في تحقيق الأهداف دون العمل والمثابرة، وكذلك يتعلم أن الشجاعة ليست بالألعاب القتالية وإنما هي ثقة بمواجهة الذات والاعتراف بالأخطاء والقدرة على الاعتذار، والتوكل على الله والخوف منه وحده، فمهما قرأ عن الأخلاق تبقى حبراً على ورق ما لم يراها أفعالاً يومية منك أنت.
٩- إن قصة ما قبل النوم أفضل وسيلة تساعد الطفل على التطور اللغوي، وخاصة عندما يقرأها الأب، حيث أظهرت دراسة أمريكية أن الأطفال يستفيدون على صعيد التطور اللغوي أكثر من قصص ما قبل النوم عندما يقصها عليهم الأب وليس الأم كما جرت العادة.
وقال القائمون على الدراسة من جامعة هارفارد أنهم وجدوا أن الأسئلة التي يطرحها الرجال عندما يقرؤون القصص للأطفال تؤدي إلى نقاشات خلاقة تثير خيال الأطفال أكثر وبالتالي يكون هذا الأمر مفيداً للتطور اللغوي للطفل لأنه يشعر بالتعرض لتحديات أكثر وأسئلة عليه الإجابة عليها.
ووجدت الدراسة وفقاً لصحيفة تلغراف البريطانية أنه بعد عام من قراءة قصص ما قبل النوم من جانب الأبوين لتحديد مدى تأثيرها على لغة الطفل اتضح أن الفتيات بشكل خاص استفدن أكثر من قراءة الأب وليس الأم، فالآباء والأمهات يقومون بقراءة القصة بشكل مختلف، فبينما تميل الأمهات لطرح أسئلة واقعية على الطفل أثناء قراءة القصص يفضل الآباء أسئلة مجردة ونظرية أكثر، مما يشكل عاملاً إيجابياً بالنسبة للتطور اللغوي للأطفال لأنهم يميلون بهذه الحالة إلى استخدام عقولهم أكثر.

١٠- قصة ما قبل النوم تغرس في قلب طفلك الأمل وتجعله ينظر للحياة بإيجابية، حيث عندما تحكي له قصة نهايتها سعيدة ستزهر روحه بالأمل وسيرى أن خلف كل زجاج نافذة متسخ هناك ربيع زاهر، سيرى أن الحياة بسيطة لا تحتاج لكل هذا التعقيد، ففيها لحظات حلوة ولحظات مرة، ممكن أن نمر فيها بصعوبات، ممكن أن نفقد ونتألم، ممكن أن نتعثر ونسقط، لكن خلف هذا الألم قوة 

وخلف السقوط بدايات جديدة رائعة، نحتاج جميعاً لقصة ما قبل النوم لنعيد ترميم أحلامنا، فالحياة قصيرة وتمضي بسرعة ولن تبقى لنا سوى الذكريات. 
كن بطل قصتك دع ذاتك تسمو وعانق حلمك كن مختلفاً حول مشاكلك لدروس بالرغم من الضغوطات، حياتك هي قصتك دعها بنكهتك، تمتع ومتِّع أطفالك، عش لحظات الحب معهم ،كن طفلاً وصديقاً لهم، العب معهم ولاعبهم وغني معهم واسمعهم، اترك كل مايشغلك عنهم، اغلق تلفازك واترك جوالك واعتذر من أصدقائك وقل: “إني مشغول بأطفالي فأنا بطل حياتهم”.
بقلم: م. شهد الناصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock