كتاب أكاديميا

«التطبيقي» وسوق العمل | كتب: أ.د. لطيفة حسين الكندري

حضرتُ قبل أيام حلقة نقاشية نظمتها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب حول مخرجاتها وتلبية متطلبات سوق العمل من خلال الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة. شارك في الحلقة النقاشية عدة جهات، مثل مؤسسة البترول الكويتية، واتحاد مصارف الكويت، وبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والجهاز التنفيذي للدولة، وديوان الخدمة المدنية، ومن مجلس الأمة النائب الدكتور محمد الحويلة رئيس لجنة شؤون لجنة التعليم والثقافة والإرشاد البرلمانية.

تُعد الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب من أكبر القطاعات التعليمية التي يزداد دورها باطراد في مجال تأهيل العمالة في قطاع التربية والنفط والصحة والمصارف وميادين كثيرة أخرى في القطاعين الحكومي والخاص.

ومن الواضح أن هناك تحديات في سياسة التوظيف، حيث تتكدس العمالة الكويتية في القطاع الحكومي. هذا التضخم سبب عزوفا عن الالتحاق بالقطاع الخاص ويستلزم وضع سياسات جديدة أساسها ترغيب الشباب في العمل في القطاع الخاص وإيجاد ثقافة حب الإنتاج وسد احتياجات البلد مهنيا. في اعتقادي أن عزوف الشباب عن الالتحاق بالقطاع الخاص مرتبط بقلة الحوافز، وضعف المخرجات التعليمية، وقصور مبادرات القطاع الخاص في احتواء العنصر الوطني، إضافة إلى نقص التوجيه الصحيح. لا بد من تقليص الفجوة بين مؤسسات التعليم وبين متطلبات سوق العمل عبر استحداث تخصصات مرتبطة باحتياجاتنا الوطنية.

بكل صراحة إذا شعر الموظف أن العمل في القطاع الحكومي يتطلب جهدا وإنتاجية ومسؤولية لا تقل عن القطاع الخاص، وأن حقه مكفول في تكافؤ الفرص القيادية، وأن الحوافز المادية متوافرة في القطاع الخاص، فإن الوضع المتأزم سوف يجد انفراجا تدريجيا. إن توجيه الشباب أولا، وتوجيه سياسة التوظيف ثانيا، ومبادرات القطاع الخاص ثالثا من أهم ركائز تصحيح المسار الاقتصادي لتجنب تكدس القوى العاملة في قطاعات حكومية.

إن التربية المهنية الحديثة تعتني بصورة متزايدة بمفهوم تخطيط القوى العاملة Labor Forces Planning، وقوام هذا المفهوم الشراكة المجتمعية المبنية على تدريب العمالة الماهرة مهنيا وتقنيا لتغطية احتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية. لا يتحصل ذلك إلا بمبادرات شبابية وحكومية وأهلية لمعالجة قضية الفائض في العمالة الحكومية في بعض التخصصات ومواجهة العجز في التخصصات التقنية. يكفل الدستور للمواطن حق العمل والحياة الكريمة، وهذا لا يعني حماية البطالة المقنعة المؤدية إلى انخفاض الإنتاج العام. إن زيادة الإنفاق الحكومي على رواتب الموظفين ترهق الاقتصاد وتتطلب طرح الحلول المناسبة، ومنها تطوير ثقافة المجتمع المهنية كي يُقبل الشباب على كل الأعمال المنتجة من جهة، وتطوير المناهج والمخرجات التعليمية بحيث تتناسب مع مقاصد سوق العمل من جهة أخرى. إن تفعيل الشراكة بين القطاعين الخاص والعام من الأولويات الوطنية وفق نظرة شاملة في التخطيط تنصب على استثمار موارد المجتمع، وتستهدف معالجة العجز في العمالة الماهرة.

أ.د. لطيفة حسين الكندري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock