كتاب أكاديميا

الاسراء والمعراج .. طريق الاعتصام بحبل الله | بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

الإسراء والمعراج لم يكن مجرد حدث تاريخى عابر محاط بالخصوصية من المولى سبحانه وتعالى بعبده ورسوله محمد (ص) ولكن هو حدث استثنائى فريد ملئ بالدروس والعبر الملهمة للناس جميعا ولنا كمسلمين بالتحديد وخاصة فى أيامنا هذه والتى نعيش فيها نكسة حضارية واخلاقية لا تليق بخير أمة أخرجت للناس .

والحقيقة ما أحوجنا لأن نحتفل ونستلهم دروس الاسراء والمعراج لإعادة الروح لجسد قد جيف من فرط التفريط فى نعم الله وفضله علينا وقد أصبحنا فرقاً وطوائف لا يقبل بعضنا البعض فضلا عن عدم قبول الآخرين بالطبع من أتباع الديانات الأخرى ، ولا شك أن صلاة رسولنا الكريم بجميع الأنبياء والمرسلين فى المسجد الأقصى هى لتأكيد المعنى الحقيقى للرسالات السماوية بعبادة الله وحده لا شريك له ولكى يقوم الناس جميعا بالقسط والعدل والتراحم والتعارف فيما بينهم وعمارة الأرض وإقامة خلافة الله عليها ليست خلافة على طريقة مجرمى التنظيمات المتطرفة حيث القتل والتفجير وهدم الإنسان بنيان الرب ولكن خلافة الله فى الأرض هى منهج ترقى لبنيان الله فى الأرض وهو الإنسان حامل الأمانة .

فى ذكرى الإسراء والمعراج علينا أن نتذكر المغزى والهدف من هذه الرحلة الأرضية السماوية حيث الترقى فى منازل وعلى درجات القرب من الله سبحانه وتعالى أو كما يقول السلف الصالح أن الطريق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق وبما أن رسول الله (ص) هو قمة هرم الموجودات وأحب خلق الله إليه كانت الرحلة على قدره ومقداره العظيم والتى علينا جميعا أن نتدبرها ونفر إلى الله فى هذه الأيام المباركة ونتوب ونعود إليه قبل فوات الأوان ،

من المؤسف أننا لا نزال فى هذه المحنة التى نعيشها حيث انتشرت ثقافة الإرهاب والقتل والتفجير وحيث لا حرمة للأشهر الحُرُم ولا لدور العبادة ولا حرمة للنفس البشرية وأصبحنا وأمسينا فى خطر عظيم ، هى محنة وبلاء نحتاج فيها للحكماء والمفكرين والمستنيرين من رجال الدين و أصحاب الفضائيات وإعلاميين كبار أن ينتفضوا لوقف هذه الجرائم التى ترتكب بإسم الدين تارة وبإسم المذهب تارة أخرى والحقيقة أنه قتال وتآمر من أجل الهيمنة السياسية وصراع النفوذ على الثروات فقط لا نرى إلا سيل من الأكاذيب التى لا يتوقف عند حد بل يزيد الفتق على الراتق وتتضائل فرص الأمن والسلام فى المجتمع الدولى وخاصة فى الشرق الأوسط ،

فى ذكرى الإسراء والمعراج فرصة أن ينهض المسلمون من سباتهم ويستلهموا الأخلاق المحمدية فى التعامل مع من يخالفهم فى العقيدة لأن الدين لله والأمن والسلام والحرية للجميع تحت مظلة إنسانية تليق بالرسالة العالمية للإسلام وهى الرسالة التى خذلها المسلمون منذ زمن بعيد حينما إنسحبوا من عملية صناعة الحضارة وتطبيق دينهم بحق فى الرحمة والعدل والمساواة بل وحتى فشلوا في الوحدة فيما بينهم واستبدلوا رسالتهم العالمية برسالة مذهبية إقصائية حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وأصبح كل حزب بما لديهم فرحون !!! … بالله عليكم كم من مناسبة عظيمة وفرصة تمضى ولا تعود أضعناها فى العودة إلى الله وتقواه حق تقاته !! ..

لماذا هذا الصد عن سبيل الله حتى أصبح العالم ينظر إلى الإسلام من نافذة من أساءوا إليه !! .. لماذا نصر على أن نحمل أبنائنا فى المستقبل فاتورة باهظة الثمن لا لشئ إلا لكى ننتصر لمنهج شيطانى فى الفرقة والبغضاء !! إنه من المحزن أن نرى أتباع الأديان الأخرى تركوا صراعاتهم منذ زمن ولم يتبقى إلا المسلمون يتقاتلون وهم خير أمة أخرجت للناس !.. لهدايتهم ! ..ليكون أصحاب الرسالة العالمية قدوة للناس جميعا ! … لماذا هذا الكبر والعناد والتقليد الأجوف والتمرد بلا قضية حقيقية نافعة ! .. وماذا ننتظر من نتائج لهذا الصراع والدمارالذى سيحرقنا جميعا بلا إستثناء ….

الحقيقة أنه لا سبيل لنا فى النجاة إلا بإستعادة الإسلام المحمدى القرآنى وأن نترك الصراع المذهبى البشرى التراثى التاريخى .. علينا أن نستغل هذه المناسبة العظيمة وهذه الأيام المباركة لنستدرك ما فرطنا فيه وأن نفتح صفحة جديدة يكون عنوانها واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا .. فالناس صنفان أخ لك فى الدين أو نظير لك فى الخلق .. لا نريد أكثر من ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock